الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
إن الحديث المُختلط عبر برامج ومواقع المحادثة "الشات" لا يخلو من عمل مُحرَّم يدعو إلى الفتنة، ويهيج نار الغريزة، وكم جرَّت هذه المحادثات والعلاقات بين الجنسين عبر وسائل الاتصال من مفاسد كثيرة، وأدت إلى تدمير عفَّة وعفاف كثير من فتيات المسلمين وفتيانهم، مع ما فيه من ابتذال المرأة وسقوطها من عين الرجل الشريف، إذا رأى سرعة انخداعها وتلبيتها لرغباته؛ بل لو قُدِّر زواجه منها، فإنه تبقى في نفسه عوامل الشك والرِّيبة تجاهها؛ فإن من أقامت علاقة مع زيد، لا مانع أن تقيمها مع عبيد.
وننصح جميع إخواننا وأخواتنا المسلمات بترك المحادثة عبر (الإنترنت)، فكم جلب العار والبلاء؛ بل وأعظم من هذا كله أنه يعرِّض لسخط الله وعقابه؛ إذ يَحْرُم على المرأة مخاطبة الرجال الأجانب عنها لغير حاجة، وإن وجدت حاجة فلابد أن يكون ذلك في حدود الأدب والأخلاق، قال سبحانه: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32].
والقاعدة العامة في الشريعة هي سدُّ جميع الأبواب الجالبة للشر؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأصل أن كل ما كان سبباً للفتنة فإنه لا يجوز؛ فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدُّها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة، ولهذا كان النظر الذي قد يفضي إلى الفتنة محرماً؛ إلا إذا كان لحاجة راجحة، مثل نظر الخاطب والطبيب وغيرهما؛ فإنه يباح النظر للحاجة مع عدم الشهوة، وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة فلا يجوز".
وقال أيضاً: "وكذلك الشر والمعصية؛ ينبغي حسم مادَّته، وسدَّ ذريعته، ودفع ما يفضي إليه إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة. مثال ذلك ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة؛ فإن ثالثهما الشيطان"، وقال: "لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين إلا ومعها زوج أو ذو محرم"، فنهى صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالأجنبية والسفر بها؛ لأنه ذريعةٌ إلى الشر".
فعليكَ أن تستخدم (الإنترنت) و(الشات) لأغراض محمودة، من باب البحث عن النافع والمفيد من العلوم، ومحاجَّة الكفار، ونشر الدعوة؛ فذلك أمرٌ مشروع لمن آنس من نفسه المقدرة على ذلك، ما لم يتشاغل به عن فريضة، أو يقصِّر في أداء واجباته، وكون هذا المنتدى خاصا بطلبه كلية معينة، ومن دفعة واحدة، وأنهم يعرف بعضهم بعضاً سلفاً، كل هذا لا يسوِّغ الاختلاط بالفتيات منهنَّ والحديث معهنَّ، لأن كونكم زملاء في تعليم مختلط لا يسوغ مطلقاً اختلاط الرجال بالنساء، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ