هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى التميز و الانفراد
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة
»  السجل اليومي للحضور و الغياب
suite Histoi1026/10/2011, 09:17 من طرف bomis

» لائحة العطل المدرسبة 2011-2012
suite Histoi1026/10/2011, 09:04 من طرف bomis

» nokat maghribia
suite Histoi108/10/2011, 02:16 من طرف mohammed

» جذاذات - توازيع - وثائق جميع المستويات
suite Histoi1016/9/2011, 03:53 من طرف mohammed

» ارتقي بنفسك
suite Histoi109/8/2011, 19:25 من طرف بنت العرب

» علم الفيزياء
suite Histoi108/8/2011, 15:44 من طرف mohammed

» «®°.•°®» البوزيترون Positron «®°.•°®»
suite Histoi108/8/2011, 15:32 من طرف mohammed

» هل انت مع استمرار او اغلاق منتديات الملتقى؟
suite Histoi108/8/2011, 02:48 من طرف bomis

» اختصارات الفوتوشوب العامة
suite Histoi107/8/2011, 14:32 من طرف mohammed

» طربقة لإيقاف تشغيل الكمبيوتر في خطوة واحدة ومن سطح المكتب
suite Histoi107/8/2011, 13:04 من طرف mohammed

المواضيع الأكثر نشاطاً
لكل بداية نهايـة .. فنهايتنـا قد ابتدت
aidez moi svp.......!
وجوه و وجوه بمركز التكوين....وجوه أحببتها
عرسان لا علاقة
je vous laisse plus de temps pour réfléchir.ne trichez pas??!!!!
طلب نصيحة
اقرا الموضوع ....يهمك!
احساس مؤلم
غرميات
مرحبـا بالعضوة Picola
المواضيع الأكثر شعبية
أغنية المحبة لمجموعة تودرت
khotot arabia
ma9alat fi kalimat
قول عشر مرات و بسرعة
أينشتاين قصة أخطر عقل في العالم
جذاذات - توازيع - وثائق جميع المستويات
نماذج من مذكرات يومية و وثائق مختلفة
jodadat 4éme année
برنامج تعلم السياقة بالمغرب Code Rousseau
لكل بداية نهايـة .. فنهايتنـا قد ابتدت
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
تصويت
هل انت مع استمرار او اغلاق منتديات الملتقى؟
مع استمرار المنتدىات
suite 3d1063%suite 212
 63% [ 19 ]
مع اغلاق المنتديات
suite 3d107%suite 212
 7% [ 2 ]
لا اهتم
suite 3d1030%suite 212
 30% [ 9 ]
مجموع عدد الأصوات : 30

 

 suite

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الفاتنة
عضو
عضو



نقاط : 18529
عدد الرسائل : 48
تاريخ التسجيل : 31/12/2007
احترام قانون المنتدى :
suite Left_bar_bleue100 / 100100 / 100suite Right_bar_bleue


suite Empty
مُساهمةموضوع: suite   suite Histoi1021/3/2008, 17:32

إنه موسم الشتاء ، الناس أعدوا له الطعام والحطب والأعلاف لمدة لا تقل عن أربعة أشهر... قد تغيب الشمس لأسابيع طويلة ولا يتوقف المطر لأيام وليالي متوالية ... حتى تنبع المياه من الجدران والصخور وتدمع السقوف ماء زلالا ، والأعشاب تنبت في أركان البيوت ... فيعم الخير البلاد والعباد ، يا حبيبي ...
السنوات العجاف التي يشرب كؤوس مرارتها حولت الحقيقة إلى أسطورة يحكيها الكهول للشباب والصغار... أفل الخير وأقبل الشر... غابت الملائكة وكثرت الشياطين في هذا الزمن العاهر ...
وسط سوق غلاز رست شاحنتين محملتين بأكياس الدقيق أحاط بهما القائد بزيه العسكري ومعه ''المخازنيا'' وشيوخ القبيلة ... الناس كثيرون إناثا وذكورا شيبا وشبابا وقفوا في صفوف متراصة وصمت رهيب ، والموت البطيء يخلخل أعضاءهم أحاطت بهم هراوات القائد التي لا ترحم الجائعين ... أحد مساعديه انتصب في كبرياء على حافة باب الشاحنة الأولى وبين يديه لائحة طويلة ينادي أسماءها بفضاضة ...
- محمد بن عبد السلام ... - حاضر، سيدي،
- اليعقوبي أحمد ... - حاضر، سيدي،
-عبد السليمو بن احميدو ... - حاضر ، سيدي ،
- خدوج بنت ادريس ... - حاضرة ، سيدي ،
- .... ، ...
كل من تشرف بثقة القائد على ضمانة الشيخ يتقدم إلى الشاحنة وينقض على كيس الدقيق وعلبة الخميرة بعد ما يكون قد أدلى لصاحب اللائحة بوصل الأداء ، ويغادر المكان تحت غمزات الهراوات والعودة لن تكون قبل أسبوعين حسب التعليمات ... عدد أفراد الأسرة لا اعتبار له في التوزيع ، صاحب فردين مثله صاحب عشرة ...
تقدم محمد غاوغاو وأخوه علي يستعطفان القائد بعدما نادت اللائحة عليهما ...
- سيدي القائد ، والدتنا توفيت الليلة ونحتاج لأربعة أكياس لنقوم بواجب الدفن ... ، ...
همس القائد في أذن الشيخ الذي همس في أذن أحد أعوانه الذي غاب في الزحام ... عاد بعد لحظات بسرعة السهم يشق الصفوف المتراصة ليهمس للشيخ الذي نفى الأمر بحركة رأسية للقائد ، فالتفت هذا للحاضرين بصوت مرتفع ...
- هذان الرجلان إدعيا موت والدتهما ليحصلا على أكثر من نصيبيهما ، لهذا سأحرمهما منه مرتين ...
نكس الرجلان الطويلان القامة رأسيهما في إستحياء وخجل وانصرفا وسط الزحام تحت تهديدات الهراوات ونظرات الشماتة واللامبالاة الجيران مستشعران ألما في منتصف صدريهما ...
لفحات البرد القارس حدت من شروده ، ألقى بأعقاب سجارته إلى الدرب عبر الشباك واندس تحت بطانيات إنسلت خيوطها وبهتت ألوانها على سرير خشبي متهالك يتمايل عند كل حركة محشور بين خزانة خشبية قديمة تضم ملابسا مهلهلة ، وأخرى صغيرة تحفظ بين جنباتها كتبا ومجلات فقدت طعمها ، وأشياء أخرى . وضع رأسه على وسادة متحجرة بأحلام محنطة قد يعظمها أقزام التاريخ كما يعظمون غرق الفردوس المفقود في كؤوس فاضت على جنبات أيامنا وليالينا الفاجرة اخترقت عيناه الشباك وارتمتا في حضن السماء ... تذرع إلى ربه بأن يعفوعن عباده ويبيد أسراب الباعوض الذي يمتص دماء الوجوه المجعدة ليعيش متخما ، فاضت جفونه بدموع التخشع ... قرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات ، إستغفر ربه سبع مرات ، قرأ المعودتين ثلاث مرات ، حمد ربه سبع مرات ... تقلب على جنبيه وعلى ظهره وبطنه كمن أصابه مغص شديد ، تمرغ في غبار الأرق المقيت كما تتمرغ الحمامة الجريحة في بركة دمائها... استوى في جلسته ولعن إبليس سبع مرات ، ركن جمجمته بعنف على مؤخرة السرير وصريره يجلجل على طبلتي أذنيه ... إغرورقت عيناه ...
- آه يا ربي ... لو يبعثوا لي تعويضات تلك الترقية الملعونة التي تأخرت لسنوات ... اليتيم يبكي والزمن الرديء يخنق أنفاسه ... سأشتري ليوسف دراجة هوائية وبذلة رياضية كما وعدته عند نجاحه في الصف السادس ، وأشتري لزينب حاسوبا كذاك الذي رأته عند الجيران وأوضب أسنانها التي أفسدت جمالها البابيلي ، وأبعث عتابا للمخيم الذي تحلم به على امتداد ليالي السنة ، وأشتري لغيتة دراجة صغيرة ، ولكنزة لعبا تشغلها عن المطبخ ... أشتري لأمهم آلة الغسيل وجلباب المليفة ... لكن ... ولما لا أشتري شقة صغيرة تقينا شر الكراء وتثبت وجودنا بين الخلق ..؟ ..إيه يادنيا ... رواتب تنتفخ في كل المناسبات دون ضجيج ومكافآت سخية بلا رقيب لعقول لا تفقه غير حرف السين ، وبطون منتفخة بأحلام البؤساء امتصوها من صناديق البلاد والعباد ، وأنا قابع بالمطبخ ألوك فاتورة المكتبة التي قعرت ظهور أطفالنا بمؤامرات دستها المقررات المدرسية وعقلية أطر لا إطار لها ، وفاتورة البقال المتحايلة بشهوات رمضانية ... أحمل فقري وأطوف به بين مطرقة الماء والكهرباء وطلبات المدرسين اللا منتهية وسندان الطماطم ولفيف القطاني التي تتسلق سلم الأسماك واللحوم المطلة علينا من أبراجها العاجية ... ست سنوات من العهد الجديد وما زلنا ننام على الخبز الحافي ونستيقض على شقيقه اليابس يراوضنا الحنين إلى العهد القديم بظلامه الدامس ...
صرير السرير الخشبي نغص عليه سكونه المثلج ... طاف ببصره بين جدران الغرفة الضيقة ضيق الحال كمن دخل الزنزانة أول مرة يبحث عن شعرة تخترق ليتمسك ليتمسك بها كما تتمسك العاقر بيد الميت المجهول ... أسقط عينيه الذابلتين على لوحة شبابه المعلقة بمسمار صديء تعكس مصباح الدرب على وجهه المجعد ، راودته ابتسامة فاترة ...
عيون متسعة غارقة في سواد دامس وشوارب كثيفة تحتضن شفتين قرنفليتين تطل بينهما أسنان مرتبة ناصعة البياض ، وأنف أبدع الخالق في نحته وشعر متموج يلف بنعومته وجنتين كصحنين مرمر ...
استدار على يساره ... غاص في أعماق المرآة الملتصقة على باب خزانة الملابس ليكتشف عفونته ...
وجه انكمشت جلوده على عينين تطلان من عمق جفون غارقة في عظام منخورة ، ووجنتين نقشت عليهما بقع مقززة ، وشفاه محروقة تفضح أسنانا صدئة ، وشعر متآكل لامسه البياض ... عشرون سنة تفصل بين اللوحة المعلقة والمرآة الملتصقة ، وقلب يعتصر وعقل يختنق تحت أقدام أبطال مزيفين ، وأطفال يحلمون بلعب عشراء وحناء ليلة القدر يستحمون بدموع أم أصيبت بأرق مزمن ...
ومضات البرق أنذرت أركان الغرفة بانفجار طبيعي وشيك ... إستوى في جلسته بين تضاريس فراشه يدمدم دعوات اللطف فيما جرت به المقادر ... دوي الرعد وخرير المياه الجارفة إقتحما سكون الغرفة دون إستاذان ، إنتشلاه من وحدته وأليلقيا به على عتبة شبابه ...
القرية الجاثمة على صدر الجبل ، المتناثرة بيوتها الطينية بين الخنادق الهائجة والجداول الرنانة ، تحتفل في نشوة عفوية بالذكرى الرابعة والعشرين للإستقلال ... سكانها منحوا لأنفسهم عطلة العيد ، ذبحوا الذبائح ووزعوها على أسرهم حسب عدد أفرادها . بسذاجة بريئة أقاموا الإحتفالات الجماعية في المساجد والأضرحة ، والسماء تشاركهم فرحتهم بأمطار سخية لتتفجر ينابيع الخير في الحقول والبساتين وأركان البيوتات ... الوالد المنتشي بأيام شبابه يحلو له أن يحكي لأطفاله عن شجاعته الخالية ، والوالدة تردد أذكارا دينية غير مبالية باجتراره حكايات جائعة تنام على رتابتها ... - إن " عين جنة " ، يا ولدي، صمدت كثيرا بين هذه الجبال التي صدت ببسالة وصدق قنابل ومدافع الطامعين في امتصاص رحيق الأرض والعقل ...
ويتابع الوالد المنهك بقساوة الزمن ونشوة '' الكيف '' يحكي لإبنه الأكبر، وشخير إخوانه الثلاثة وأختهم الكبيرة يملؤ فضاء '' السطوان '' ، بشغف كيف أجلت ''الجاية '' ، بكل قراها المحشورة بين الصخور ، سيطرة الفرنسيين على القبيلة لسنوات ...
- لقد دمر المقاومون '' بيرو بوصدوق '' ، قاعدتهم الألى ، عن آخره ودكوا أضخم قاعدتهم ب '' قلعة دمزو" ... لم يدخلوا القبيلة إلا بشروط : عدم دخول جنودهم قرى القبيلة ، وعدم تدخلهم في شؤون المساجد ... وحين استتب لهم الأمر أذاقوا سكانها و''عين جنة '' على الخصوص الأمرين : ضرائب فاحشة ، أشغال شاقة ، نزع ملكية أراضيهم الخصبة ... وبعد فرارهم تحت ضربات المقاومين الموجعة بقيت القبيلة تستر عورتها بلحاف رث وتأكل عظام موتاها ، تنكر لها مغتصبو الأحلام ودسوها في رفوف الإهمال والنسيان ... إيه الله يرحم أيام زمان ، يا إبني ... اللي ما عاش مع النصارى مشات ايامو خصارا ...
- لا ، يا أبي ، لا تكفر بوطنك ... إنه على كل حال إستعمارغاشم لا خير فيه وهذا بلدك لن يحتظنك سواه ، يا والدي ...
- أعلم ، يا حبيبي ... أعلم أنه الإستعمار... ولكن لم نقاسي معه مثل ما نقاسي اليوم ... أعلم أن هذا بلدي ، أحبه بأرضه وشعبه ودينه ولغته... هو مهدي ولحدي ... كم هي مرة قساوة الوطن على إبنه ... كم هي قاسية وحدة وغربة المواطن في وطنه ... تعذيب الوطن لإبنه لا يوازيه تعذيب ، يا حبيبي ، وظلم الأب لإبنه أقوى من نار الرماد ... الفرنسيون سلبوا حريتنا وانتزعوا أراضينا وحكموا علينا بالأشغال الشاقة ... بناء مقراتهم ، وخدمتهم وحراستهم ... فتح الطرقات لربط مراكزهم ، وقطع الغابات لتزويدهم بالحطب ... فرضوا علينا نظام " الربعيام " ... أربعة أيام في الشهر مداومة بالليل والنهار يقضيها كل فرد منا في خدمتهم على مدار السنة دون أجر ... أذاقونا كل أصناف العذاب ... إنه اللإستعمار على كل حال .. لكنهم لم يسلخونا من آدميتنا كما فعل بنا بنو جلدتنا ... جاء المقدم عليلو إلى المسجد ينادي من وراء عتبته بصوت مرتفع والإمام يقرأ فاتحة الركعة الثانية ...
- آعميمار .. أولد المختار ، القايد بغاك دابا ... فالحال ...
بحنجرة مبحوحة سقطت خشونتها تحت أقدام خادم القائد رد وشواربه ترتعش وأسنانه تسطك وهيكله العريض الطويل يتخطى الصفوف كالدمى مندفعا إلى الباب ...
- أنعام ... أنا مجود أسيدي عليلو ...
سلم سيدي أحمد الحاج الوزاني عن يمينه وعن يساره وإلتفت إلى المصلين من خلفه وقد احمرت وجنتاه وانزلقت الدموع من عينيه ونبرته الفاسية تمزق شرايين قلوبهم ...
- نتمنى أن يتقبل الله منا جميعا صلاتنا ... أنصحكم ، يا إخواني ، أن تؤدوا صلواتكم في بيوتكم إلى حين أن يرفع الله عليلو من أرضه ...
سافر سيدي أحمد الحاج ومعاونوه ، الذي كان يزور عين جنة في كل مناسبة ليطمئن على أحوالنا وأحوال عزبته ، إلى فاس مع آخر قدم من فلول الظلام ... قبل أن تميل الشمس إلى نوافل الضحى حل القبطان غيوم ، الشاب الوسيم الأشقر والطويل القامة ، القائد العسكري لمنطقة غفساي بالدوار على عجل مرفوقا بنفر من جنوده والقائد عبد الرحمان ومعاونوه ... بالساحة المجاورة للمسجد خطب في سكان القرية ...
- إن ما حصل أمس بالمسجد وصلاة المغرب قائمة هو من ضعف تقدير القائد لمشاعر السكان وسوء تصرف المقدم عليلو ... إني أعتذر لكم باسم الجيش الفرنسي عن كل ما حصل ولن نقبل أبدا بمثل هذا ... أعدكم بعدم تكراره ... وعلى السيد القائد أن يتحمل مسؤؤوليته كاملة إذا ما حصل مستقبلا ... أما أنت ، يا عليلو الكلب ، مرفوض من خدمة فرنسا ولك أن تبحث عن وجهك بين جيرانك وأنا متأكد أنهم لن يعذبوك كما فعلت معهم ...
رمى الوالد بقبعته الصوفية إلى عمق الغرفة بعنف ومرر كفيه بقوة على رأسه الأصلع ، وإستوى في جلسته وهو يحك بسبابته بين حاجبيه الكثيفين وقد اغرورقت عيناه ...
- إسمع يا ولدي ، حياتي مع ألإستعمار ومن بعده مع أبناء بلدي أكسبتني تجاربا لا تعد ... فوق مدخل سوق جمعة سلاس وضع بن العربي قائد قبيلة سلاس لافتة كتب عليها : على كل متسوق أن يضع سلعته وأمتعته في أي مكان من السوق دون أن يوصي أحدا بحراستها وإذا ما ضاعت ألقائد بن العربي يعوضه عنها بضعف ثمنها ... في هذا السوق نسي زوج أختي أحمد لكحال الله يرحم لحما معلقا بشجرة وسط السوق ، بعد أسبوع وجده في مكانه وقد تعفن دون أن يجرء أحد على أخذه ... وذات مرة ، وفي عز قوة الاستعمار، ما أن دخل القائد بن العربي مكتبه وسط السوق بعد انتشار أولى خيوط شمس الصباح حتى وقفت على بابه فاطنة بنت قدور من دوار العنصار، فأدخلها إليه أحد حراسه حيث وقفت أمامه وهو متربع داخل جلبابه الصوفي الأبيض على حصيرة الحلفاء وعمامته البيضاء التي لفت رأسه ، الذي عمه الشيب ، زادته هيبة ووقارا ... وضع كأس الشاي فوق طاولته التي لايتعدى طولها ذراعين ، جلس بسرعة على كرسيه الخشبي وبادر لتحيتها :
- صباح الخير والرباح أخالتي فاطنة .. ياك لباس ؟
- أسيدي القايد كان عندي أربعة دجاجات وديكين لم يصبحوا في الدار ...
- سرقوا لك ليلا ؟
- يعلم الله أسيدي القايد ...
اسمع يا ولدي ، بن العربي لم يطلب من فاطنة - ألأرملة العجوز والأم لثلاثة أولاد وبنت أصغرهم - الشهود ولم يأجل قضيتها ... بل أمر على الفور أعوانه المتخصصين والمقدم عبو بإحضار سارق الدجاج إليه من السند أومن الهند قبل آذان الظهر ... أمره نفذ قبل موعده وحكم على السارق بستة أشهر سجنا يقضيها في فتح الطرقات وما إلى ذلك من الاشغال الشاقة ... وعوض فاطنة عن ضياع دجاجها بما أرضاها...
- لكن يا أبي ، ...
- لكن ماذا يا حبيبي ... طبعا إنهم استعماريون ، الفرنسيون كانوا يعتمدون على الجدية والدقة في عملهم والعدل في حكمهم ، ولا يتركون ثقوبا تتسلل منها الفتنة للمجتمع ... جاء القبطان جاك في زيارة مفاجئة للقبيلة برفقة مجموعة من أعوانه وكنا في ساحل اخليج رجالا ونساء ، وكان يوم الصيام وحرارة الصيف أحرقت قلوبنا وحناجرنا ، نحصد فدان قمح القائد بنظام التويزة فرضه علينا عبد السلام تشبوط الذي كان لا يرحم ذكرا أو أنثى في ممارسة عنفه البربري كعون للقائد ... أوقف القبطان ، المتوسط العمر والقصير النحيف القامة الأشقر اللون ، سيارته على حافة الطريق ونزل إلينا وسط الحقل يسألنا ، والنساء يتجمعن حول فطيمو يحاولن إنقاذها من الهلاك بعدما فقدت جنينها بين أكوام السنابل من شدة الحرارة وشقاء المنجل وقساة تشبوط وتعب الصيام ... بلهجة لا تختلف عن لهجتنا في شيء ...
- لمن هذا الحقل يا حصادة ؟؟
تلعثم تشوبوط مترددا ... اقترب منه القبطان ولكمه بقوة على أم رأسه حتى تطايرت الحقيقة من بيت شفتيه ...
- سيدي القبطان ... إنه فدان السيد القايد ... وهذه التويزة عملية ننظمها لمساعدة بعضنا البعض في جمع محصولنا...
- وهل القائد يحتاج للمساعدة ... هل تساعدون الضعاف منكم .. ؟ ... ما أمر تلك المرأة الملقاة بين الأكوام ..؟
بادر زوجها السطيطو للقول بمرارة :
- إنها فطيمو زوجتي يا مسيو القبطان ... لقد فقدت جنينها من شدة التعب والصيام وفرط الحرارة ...
- ... وتصومون رغم هذا العذاب ..؟
- في الحقيقة أرغمنا المقدم تشبوط على عدم الصيام لكننا رفضنا عصيان الله وطاعة تشبوط ...
- لذلك لم يرحمكم هذا اللعين ؟ ... اسمع يا تشبوط الساعة الآن الواحدة بعد الظهر في الثانية سأكون عند القائد لأرى هذه التصرفات ، وفي الرابع بعد العصر يجب أن أجدك على باب مكتبي بغفساي وسيكون حسابك عسيرا ...
اغرورقت عيون تشبوط وتصبب عرقه قبل أن يتلعثم بكلمات بكماء ...
- لكن سيدي القبطان المسافة طويلة والحرارة ...
قاطعه بصوت مرتفع ...
- الحرارة ... وهؤلاء القوم الذين تمارس عليهم عذابك مع حرارة الشمس والصيام والمنجل لترضي بربريتك باسم القائد ... نفذ ما قلته في الحال ...
بعث القبطان فطيمو وزوجها مع اثنين من جنوده على متن سيارته إلى بيتها وتكلفت النساء العاملات بجثة الجنين ، ثم أمر كل العمال بمغادرة المكان وعودتهم لمنازلهم ، وتوعد كل من يعمل مع القائد مستقبلا من غير أجر بعقاب شديد ... وبقي ينتظرعودة سيارته ليتابع طريقه بعدها إلى عين مزراوة حيث مقر القائد ... أعتقد يا حبيبي ، أن الرحمة سكنت كل القلوب وهاجرت قلوبنا ليهجر شبابنا بلده ويلتحق بأعدائه على أجنحة الموت عساه ينال شيئا من إنسانيته التي فقدها في وطنه ... أربعة وعشرون سنة مرت على استقلالنا تجاوزمعها عمري العقد السابع ... فماذا تحقق لهذا الشعب ، يا ولدي ، غيرالبؤس والشقاء بكل صورهما ؟ ... فاللهم أحيي بلدك الميت وانشر رحمتك ...
رفعت الأم رأسها من بين أجساد أطفالها الممددين تحت اللحاف تعاتبه ...
- ألم تتعب من هذه القصص المملة ، يا ولد الطاهر ؟ وما ذنب هذا الولد في حرمانك حتى تقتل أمله في الحياة ؟...
- إن والدتك رغم ما قاسته يا حبيبي، راضية على مضض بمعاناتها ... أقسم لك لو أتيحت فرصة مغادرة الوطن لكل المواطنين لبقي الحكام يذرفون دموعهم بين الأطلال تحوم فوقهم الخفافيش يحلمون بعصا موسى ...
[/color]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت العرب
نائبة المدير
نائبة المدير
بنت العرب


نقاط : 18495
عدد الرسائل : 291
تاريخ التسجيل : 20/01/2008
البلد : المغرب
علم البلد : suite Marocxb9
احترام قانون المنتدى :
suite Left_bar_bleue100 / 100100 / 100suite Right_bar_bleue


suite Empty
مُساهمةموضوع: رد: suite   suite Histoi1010/5/2008, 06:22

مشكورة اختي على الموضوع


ننتظر جديدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
suite
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» suite 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الملتقيات الادبية :: القصص والروايات-
انتقل الى: